التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
قصة سبي زيد بن حارثة من القصص المشهورة في السيرة النبوية، ومع ذلك فهي مما شاع ولم يثبت في السيرة، فما هي روايات الحديث وحكم العلماء عليها؟ ولماذا سمي زيد
قصة سبي زيد بن حارثة رضي الله عنه من القصص المشهورة في السيرة النبوية، ومع ذلك فهي مما شاع ولم يثبت في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
روى ابن سعد في الطبقات بسنده عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه ... قال: "كان حارثة بن شراحيل تزوج امرأة في طي من نبهان فأولدها جبلة وأسماء وزيدًا ... ".
وذكر القصة في وقوع زيد بن حارثة في السبي بعد أن أغارت عليهم خيل من تهامة من بني فزارة، ثم بيعه في سوق عكاظ، ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم له قبل أن يُبعث، ثم شراء خديجة رضي الله عنها له، ومصيره إلى النبي -صلى الله عليه وسلم، وفيه قدوم حارثة وبعض عشيرته لطلبه ثم تخيير النبي صلى الله عليه وسلم له .. إلى آخر القصة (1)، قال الحافظ ابن حجر في التهذيب بعد أن عزاه إلى تمّام في فوائده: "حديث منكر جدًا، وقد أورده الحافظ أبو عبد الله بن مندة في معرفة الصحابة في ترجمته، وقال: إنه لا يُروى إلا بهذا الإسناد. ثم رأيته في المستدرك للحاكم (2) لكنه لم يصرّح بتصحيحه (3)". وإسناد ابن سعد في شيخه هشام وأبوه، وهما متروكان.
وذكر قصته ابن إسحاق في السيرة دون إسناد (4).
وأخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب (5) من طريق أبي إسحاق السبيعي قال: قيل لجبلة بن حارثة أنت أكبر أم زيد؟ قال: زيد خير مني وأنا وُلدت قبله. ثم ذكر قصة وقوع زيد في الأسر مختصرةً، وليس فيها قدوم أبيه وعشيرته وما بعدها.
قال أبو عمر بن عبد البر قبل ذكره للقصة: "وبعضهم يُدخل بين أبي إسحاق وجبلة بن حارثة فروة بن نوفل". وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في التهذيب في ترجمة جبلة "الصحيح عن أبي إسحاق عن فروة عنه (6)" ا. هـ.
تسمية زيد بن محمد
أما كونه كان يسمى زيد بن محمد، فهذا رواه البخاري في صحيحه باب {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ} من كتاب التفسير، عن ابن عمر رضي الله عنه أن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد، حتى نزل القرآن: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ} (7) ورواه مسلم في "فضائل الصحابة" باب فضائل زيد (8).
وروى الترمذي بسنده عن أبي عمرو الشيباني قال: أخبرني جبلة بن حارثة أخو زيد قال: قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له يا رسول الله: أبعث معي أخي زيدًا. قال: "هو ذا فإن انطلق معك لم أمنعه"، قال زيد: يا رسول الله، والله لا أختار عليك أحدًا، قال: "فرأيتُ رأي أخي أفضل من رأيي" ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن الرومي عن علي بن مسهر (9) أهـ. وأورده الألباني في "صحيح الترمذي (10).
وأخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي (11).
المصدر: كتاب: ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية
(1) الطبقات (3/ 42).
(2) المستدرك (3/ 235) وحذفه الذهبي من التلخيص لضعفه.
(3) التهذيب (11/ 79). وقال في الفتح (7/ 87) بعد أن عزاه لابن مندة وتمام: بإسناد مستغرب عن آل بيت زيد بن حارثة. وقال في الإصابة في ترجمة حارثة والد زيد: .. ورجال إسناده مجهولون (1/ 297).
(4) الروض الأنف (3/ 9).
(5) الاستيعاب (بهامش الإصابة) (1/ 240).
(6) التهذيب (2/ 61).
(7) البخاري (8/ 517).
(8) (15/ 195) نووي.
(9) سنن الترمذي (10/ 319 تحفة).
(10) 3/ 231. رقم (2998)
(11) المستدرك (3/ 237).
التعليقات
إرسال تعليقك